في ظل الصراع على النفوذ القائم بين المغرب والجزائر في منطقة الساحل وشمال وغرب إفريقيا الأطلسية، وسعي البلدين المحموم نحو التسلح بشكل يثير القلق ويؤشر لاحتمال اندلاع مواجهة عسكرية لن تؤثر على استقرار المنطقة فحسب، بل وستهدد الأمن والسلم في أوروبا أيضا، خصوصا بعد أن تحوّلت القارة الإفريقية إلى ساحة تجاذب وتنافس دولي بين الكبار على الموارد والمصالح الجيوسياسية، ونقصد بذلك أمريكا والصين وروسيا، وبروز المغرب كقوة إقليمية عظمى تسعى لتغيير قدر شعوب إفريقيا التي عانت طويلا من الفقر والحرمان، بمشاريع مكرو اقتصادية عملاقة، يتطلب تحقيقها ضمان الأمن والسلم والاستقرار في المنطقة، وهو الأمر الذي يعمل نظام العسكر في الجزائر على إجهاضه، بسبب ما يكنه للمغرب من حقد كبير، تحوّل إلى عقدة نفسية يصعب التعامل معها بسياسة حسن الجوار.
ولأنه لا يمكن لدولة أن تصبح قوة اقتصادية منتجة وفاعلة في رقعة الشطرنج الدولية، من دون أن تكون لها القوة العسكرية المناسبة والقادرة على حماية موقعها الجيوسياسي ودورها الاستراتيجي، نظرا للارتباط الوثيق القائم بين الأمن الاقتصادي والأمن العسكري. فإن ما يثير القلق في منطقة شمال إفريقيا، هو الانفاق العسكري الكبير الذي تخصصه كل من الجزائر والمغرب للعب هذا الدور، وهو الأمر الذي يؤثر بشكل سلبي ملحوظ على خطط التنمية، خصوصا في الجزائر التي تعرف تنامي ما أصبح يعرف بظاهرة الطوابير التي تؤشر إلى تفاقم مظاهر الفقر والجوع والعطش، واهتراء البنية التحتية بشكل خطير، حوّل الجزائر إلى دولة فاسدة ومتخلفة، تتقدم بخطى سريعة على منحدر التقهقر نحو الحضيض.
بخلاف المغرب الذي يعرف تطورا عمرانيا وحضاريا سريعا وغير مسبوق، حوّله في بضع سنين إلى بلد عصري جميل، ينعم فيه الشعب بالحرية، والأمن، والاستقرار، ووفرة الخيرات برغم ارتفاع الأسعار، لأسباب بنيوية متداخلة، لها علاقة بميكانيزمات الاقتصاد الدولية التي تتأثر بأسعار الطاقة، والحروب، وقانون العرض والطلب، والتضخم السكاني الذي أصبح يهدد الأمن الغذائي العالمي بسبب ندرة الموارد ومحدودية الإنتاج.
فالجزائر على سبيل المثال، تخصص للتسلح ميزانية سنوية تناهز 20 مليار دولار، لكنها بالنسبة لسنة 2025، رفعتها لمبلغ 25 مليار دولار، وهو ما يمثل 20 في المائة من الميزانية العامة للبلاد التي يقوم اقتصادها في أزيد من 90 في المائة منه على الريع بدل الإنتاج.
بخلاف المغرب الذي لا يتوفر على الطاقة الأحفورية (غاز وبترول) بشكل يحقق له الاكتفاء الذاتي حتى الآن، ويقوم اقتصاده على الإنتاج بدل الريع، حيث نجده ولأول مرّة في تاريخه، يرفع ميزانية الدفاع لسنة 2025 إلى ما قدره 23 مليار دولار، خصص منها ما بين 13 و15 مليار دولار لاقتناء وإصلاح معدات القوات المسلحة الملكية ودعم وتطوير صناعة الدفاع.
والحقيقة أن السؤال الذي طرحناه في العنوان، والذي يعكس بشكل دقيق وعميق موضوع المقال، هو الخوف من أن يعيد التاريخ نفسه كما حدث مع كوريا الشمالية وإيران في غفلة من الزمن، فتحولتا إلى قوتان نوويتان تهددان الأمن والاستقرار في العالم. الأمر الذي قد يدفع الجزائر إلى أن تتحول إلى إيران ثانية تهدد الأمن والسلم في منطقة شمال إفريقيا وأوروبا، لما يمثله سعيها لتطوير برنامج نووي محلي من خطورة لا يجب الاستهانة بها، حتى لو كان الهدف المخادع المعلن رسميا هو إنتاج الطاقة الكهربائية السلمية.
ومرد هذا التخوف المشروع يعود لأسباب أساسية ثلاثة:
- السبب الأول: أن الجزائر ليست بلدا يحكمه نظام ديموقراطي، بل نظام عسكري ديكتاتوري فاسد، ومعادي لمحيطه من الدول المجاورة بسبب أطماعه الانتهازية، لدرجة أفقدته الأصدقاء والحلفاء، وجعلته نظاما منبوذا ومعزولا في المنطقة.
- السبب الثاني: أن نظام العسكر الجزائري يمول الإرهاب ويستخدمه في حروبه بالوكالة ضد دول المنطقة سعيا لتحقيق أحلام وهميّة بعيدة المنال.
- السبب الثالث: أن الجزائر كانت دائما ومنذ تأسيسها سنة 1962، تعتبر دولة وظيفية تخدم مصالح فرنسا الاستعمارية في المنطقة، لكنها في نفس الوقت كيان عسكري مارق، دعم إبان الحرب الباردة الأنظمة الشمولية الشيوعية والاشتراكية، ودعم أيضا الأنظمة العروبية الديكتاتورية أيام المد القومي زمن ناصر وبعده نظام المقبور القذافي، والطاغية صدام، والنظام الدموي السوري زمن حافظ وبعده بشّار، كما وأنه تحالف مع نظام الملالي المارق في طهران.
لذلك، فالخطر القائم اليوم، هو تنامي التعاون الأمني والعسكري بين إيران والجزائر في إطار تحالف استراتيجي يهدف إلى زعزعة استقرار المنطقة من خلال تقسيم المغرب وغزله عن صحرائه وامتداده الإفريقي الطبيعي، وهو التحالف الذي سمح لإيران بأن تجد لها موطأ قدم في شمال إفريقيا لتهدد الأمن والاستقرار بالمنطقة، عن طريق عملائها من حزب الشيطان وغيره، باسم المقاومة ودعم حق الشعوب المستضعفة في تقرير مصيرها. ولعل نقل روسيا بعد سقوط نظام الأسد لنخبة الجيش السوري إلى الجزائر، بالإضافة إلى المعدات العسكرية لتعزيز تواجدها العسكري في شمال إفريقيا، يؤشر لما ينتظر المنطقة من تهديد أمني خطير، لأنه عندما تتقاتل الفيلة فإن العشب هو من يدفع الثمن.
وإذا كان نظام الملالي قد تلقى ضربة قاسمة في المشرق دفعته لبيع عملائه في سوق النخاسة السياسية في كل من غزة ولبنان والعراق وسوريا، نزولا عند رغبة أمريكا وإسرائيل، حيث تخلى عن عصاباته المقاتلة مقابل أن يحافظ على برنامجه النووي ويضمن أمن واستقرار حكم الملالي في طهران، بعد أن استشعر الخطر الذي أصبح يهدد وجوده بسبب دعمه للإرهاب، وسعيه لزعزعة استقرار منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.. فإن الخطر لا يزال قائما، ما دام النظام الإيراني لم يتخلى عن برنامجه النووي، الذي أصبح قاب قوسين أو أدنى من البرنامج النووي العسكري أسوة بتجربة كوريا التي تحوّلت في غفلة من الزمن إلى قوة نووية خطيرة، يهدد الطاغية المجنون الذي يحكمها كل من كوريا الجنوبية والولايات المتحدة الأمريكية باستعمالها ضدهما في حال تعرضت بلاده لحملة عسكرية أطلسية، أو في حال تعرضت روسيا لضربة نووية استباقية.
ونظرا للتحالف الوثيق القائم بين إيران والجزائر، فلا نستبعد أن يكون هناك توجه لتعزيز أواصر هذا التعاون المشبوه في مجال الطاقة النووية. خصوصا وأن سعي الجزائر لامتلاك هذه التكنولوجيا المتقدمة يعتبر حلما قديما يعود إلى عام 1996، حيث أنشأت الجزائر أول مركز بحثي للتكنولوجيا النووية تحت مسمّى "محافظة الطاقة الذرية"، حددت له مهمة صياغة مشروع تطوير الطاقة النووية وتقنياتها في البلاد، وتحديد الاستراتيجية الخاصة بتنفيذها. وهو المشروع الذي تطور بشكل ملحوظ منذئذ، فأصبح يتوفر على مراكز للبحث النووي لها مرافق نووية أساسية ومخابر البحث والتطوير ومنشآت التكوين. كما تم إنشاء "مفاعل السلام" الذي تبلغ طاقته الإنتاجية نحو 1 ميغاوات، ثم وحدة تطوير عناصر الوقود النووي، وحلقات اختبار تأهيل الوقود النووي.
لكن الأخطر مما سلف، هو ما تردد من أنباء خلال الألفية الثالثة، عن نيّة الجزائر ولوج مجال توليد الكهرباء من الطاقة النووية، وفق التصريح الذي أعلنه وزير الطاقة الجزائري رسميا سنة 2009، حيث أكد فيه أن بلاده تهدف إلى بناء أول محطة نووية لأغراض سليمة تجارية سنة 2020، وأنها ستبني محطة كل خمس سنوات بعد ذلك. ليعود وزير الطاقة يوسف اليوسفي سنة 2013، فيعلن عن نفس الخطة، مؤكدا أن الجزائر تخطط لإنشاء أول محطة نووية علم 2025، وأن النظام يعمل جاهدا لتحقيق ذلك، وفق ما أوردته وكالات أنباء عالمية.
وتؤكد آخر المعلومات، أن الجزائر بدأت في التوجه مؤخرا بجدية للحصول على تكنولوجيا الطاقة النووية المتقدمة، حيث قام وزير الطاقة الجزائري بتحركات نشطة تجاه شركة "روس أطوم" الروسية، ونظيرتها "سي إن إن سي" الصينية، لعقد صفقات لإنشاء مفاعلات نووية تعزز من نجاعتها في انتاج الكهرباء من خلال الاعتماد على الطاقة النووية وفق ما هو معلن ظاهريا، مبررا ذلك بالحاجة الملحة لمعالجة الطلب المتزايد على الطاقة التي تشهده البلاد، ومبرزا حاجة الجزائر لبناء مفاعلين نوويان بقدرة إنتاجية تعادل ألف ميغاواط لكل مفاعل، لمدة تصل إلى 60 سنة، مشيرا إلى أن الجزائر تمتلك احتياطي ضخم من اليورانيوم يقدر بنحو 29 ألف طن.
أما المغرب، فيولي بدوره اهتماماً كبيراً لتنويع مصادر الطاقة وتأمين احتياجاته المُستقبلية، والطاقة النووية تُعتبر خياراً مطروحاً بقوة. وهناك دراسات وجدوى تُجرى لتقييم إمكانية بناء مفاعلات نووية. والمغرب يتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA) ومع دول أخرى، مثل روسيا، في مجال الطاقة النووية. وهناك اتفاقيات أُبرمت أو قيد الإبرام للتعاون في البحث والتطوير، وحتى في بناء مفاعل تجريبي.
وحاليا، يمتلك المغرب بالفعل مفاعل بحوث نووي صغير يُسمى "تريغا مارك 2" ويُستخدم في البحث العلمي والتدريب والتطبيقات الصناعية والطبية، ما يُعطي المغرب خبرة أساسية في التعامل مع التكنولوجيا النووية. ويشدّد المغرب دائماً على أن هدفه من الطاقة النووية هو الاستخدامات السلمية، مثل إنتاج الكهرباء وتحلية المياه، وليس لأغراض عسكرية. وهناك تحديات ومعوقات تواجه مشروع الطاقة النووية في المغرب، مثل التكلفة العالية، ومتطلبات الأمان الصارمة، وقبول الرأي العام. أما بالنسبة للجدول الزمني للتنفيذ، فمن المُتوقع أن يستغرق بناء مفاعل نووي سنوات عديدة، وحتى الآن لا يوجد جدول زمني مُحدد لبدء التشغيل الفعلي لمفاعل نووي لإنتاج الطاقة في المغرب. لكن بعض التقديرات تشير إلى ما بعد عام 2030.
ووفق ما أوردته قناة TRT الروسية نهاية سنة 2022، فقد أعلن المغرب عن استعداده لتوقيع اتفاقات إنشاء أول محطة نووية في البلاد، مشيرة إلى أن رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين وافق من جانبه على مشروع اتفاقية بين الحكومتين الروسية والمغربية للتعاون في مجال استخدام الطاقة النووية. وحسب تلك التقارير: "ستساعد روسيا المغرب على إنشاء وتحسين البنية التحتية للطاقة النووية، وتصميم وبناء المفاعلات النووية"، كما "ستقدّم روسيا المساعدة للمغرب من أجل التنقيب عن رواسب اليورانيوم وتطويرها ودراسة قاعدة الموارد المعدنية في البلاد، وتدريب الكوادر العاملة في محطات الطاقة النووية"، غير أن وسائل إعلام مغربية أوضحت أن الأمر يتعلق بـ "مُفاعل نووي تجريبي، شبيه بذاك الموجود مسبقاً لدى المغرب في غابة معمورة ناحية الرباط".
وبالمحصّلة، إذا كان سعي المغرب إلى امتلاك طاقة نووية سلمية لإنتاج الطاقة الكهربائية مبررا لعدم توفره على مخزون يغطي احتياجاته من الطاقة الأحفورية (الغاز والبترول)، بالإضافة إلى أن المغرب واضح النوايا ولا يسعى لامتلاك تكنولوجيا نووية عسكرية بالمطلق، ويحظى بمصداقية دولية تجعل منه حليفا موثوقا، فإن الأمر يختلف بالنسبة للجزائر جملة وتفصيلا، وذلك للأسباب التالية:
• السبب الأول: أن الجزائر تشبه إيران من حيث توجهاتها العدائية تجاه بلدان الجوار، واستعمالها للإرهاب كأداة لزعزعة أمن واستقرار المنطقة وفق تقارير رفعتها دول الساحل إلى الأمم المتحدة، وما أعلنته فرنسا قبل أيام عن مطاردة أجهزة مخابراتها للذباب الجزائري الذي يحرض على التخريب والإرهاب في فرنسا من جهة، وتحالفاتها الدولية المعادية للغرب والنظام الرأسمالي القائم من جهة أخرى، ما يجعلها في قلب الصراع الجيوسياسي المتعلق بالنظام الدولي الجديد، من خلال لعبة الولاءات والتنافس على الموارد والخيرات في منطقة إفريقيا التي تعتبر قارة عذراء غنية بالموارد النفيسة والنادرة على حد سواء.
• السبب الثاني: أن الجزائر وإيران لا يحتاجان للطاقة النووية لإنتاج الكهرباء، هذه فرية مفضوحة، وراءها أهداف خبيثة مخفية. ذلك أن البلدان يتوفران على مخزون هائل من الطاقة الأحفورية التي تمكنهما من إنتاج الطاقة الكهربائية بكمية وفيرة وسعر معقول.
• السبب الثالث: أن توجه العالم للطاقة البديلة النظيفة، لا يؤثر على إمكانية الجزائر وإران من حيث القدرة على أنتاج حاجتهما ويزيد من الطاقة الكهربائية، بفضل الطاقة الشمسية كبديل مُجد ونظيفٍ. خصوصا إذا علمنا أن صحراء إيران وصحراء الجزائر أكبر مساحة من صحراء المغرب، بل ومن أكبر الصحاري في العالم. وبالتالي، فبإمكانهما إنتاج الطاقة الشمسية التي تعتبر طاقة المستقبل النظيفة والبديلة، نظرا لسطوع الشمس المرتفع على مدار العام، ما يؤهلهما لإنتاج كميات هائلة من الطاقة الشمسية دون انقطاع، بدلا من الطاقة التقليدية الملوثة.
• السبب الرابع: ما سبق بسطه، يؤكد بما لا يدع مجالا للشك، أن التاريخ قد يعيد نفسه، كما حدث مع كوريا الجنوبية وإيران، اللتان خدعتا العالم بكذبة إنتاج الكهرباء من الطاقة النووية السلمية، في حين كان هدفهما الحقيقي هو الحصول على تكنولوجيا نووية لأغراض عسكرية مشبوهة. وهو ما تفطن له العالم بعد فوات الأوان. هذه الدوافع الخفية حين برزت للوجود، فاجأت العالم وأثرت بشكل ملموس على الوضع الجيوسياسي في منطقة آسيا بل والعالم أيضا، ومن شأن صمت الغرب على الجزائر اليوم أن يساهم في ارتكاب نفس الخطأ بتحول الجزائر المارقة إلى إيران ثانية في المنطقة.
لذلك ومن أجله، فقد آن الأوان ليركز الإعلام والدبلوماسية المغربية والغربية على ما يطبخ بين إيران والجزائر في السر في مجال الطاقة النووية. ومنع الجزائر من الحصول على التكنولوجيا النووية التي لا تحتاجها لإنتاج الكهرباء كما أوضحنا ذلك. خصوصا إذا علمنا أن إيران ومن أجل مصالحها، وبسبب معاداتها للعرب والغرب، مستعدة لنقل التكنولوجيا النووية التي حصلت عليها من كوريا الشمالية إلى الجزائر، لتساعد بذلك، وفق ما يقتضيه تكتيك الملقط في لعبة المصالح الدولية، حلفائها في روسيا والصين، من تجنب التورط مباشرة في المشروع الجزائري، نظرا لما يراهنون عليه من مصالح حيوية مع المغرب من جهة، وعداوة متصاعدة مع الغرب من جهة ثانية، الأمر الذي يقتضي اللعب على الحبلين في معادلات العلاقات الدولية، وخوض الحروب بطرق ناعمة وبالوكالة ضد الأعداء الذين لا يمكن مواجهتهم عسكريا بشكل مباشر لما يمثله ذلك من مخاطر على السلم العالمي.
لقد أصبح من الضروري أكثر من أي وقت مضى، الإطاحة بالنظام العسكري في الجزائر عن طريق فرض عقوبات صارمة تحرمه من الموارد الكفيلة بمساعدته على تحقيق حلمه المدمر في المنطقة، وتزيد من الضغط على الشعب لينفجر في انتفاضة عارمة، لأنها السبيل الوحيد والأقل تكلفة، لتحريره من ظلم واستبداد وفساد نظام العسكر، وتخليص المنطقة والعالم من نظام مارق قد يتحول إلى إيران ثانية يصعب التعامل معها كلما طال أمد صمت وتجاهل ما يحدث في الخفاء بين الحليفين الخطيرين والمنبوذين: الجزائر وإيران.
ولعل مشروع نقل الغاز العملاق من نيجيريا إلى أوروبا عبر المغرب، بالإضافة إلى غاز موريتانيا والسينغال، سيشكل البديل للغاز الجزائري، الأمر الذي سيؤثر سلبا لا محالة على منسوب الريع الذي يحصل عليه النظام المارق من التصدير، ويحد من قدرته المالية ومغامراته الإجرامية في المنطقة بشكل كبير.
وهو ما يخشاه نظام العسكر في الجزائر، ويعمل جاهدا على إحباطه. ولعل محاولة شنقريحة مؤخرا تجنيد ضباط موريتانيين لإحداث انقلاب في موريتانيا أجهضه المغرب مباشرة بعد زيارة الرئيس الموريتاني إلى الدار البيضاء واجتماعه بجلالة الملك، بالإضافة إلى تكرار دخول دوريات من الجيش الجزائري إلى الأراضي المغربية والموريتانية بحجج واهية، في انتهاك صارح لسيادة دول الجوار، الأمر الذي يعدُّ مقدمة لانفجار تحضر له الجزائر، لجر موريتانيا - الحلقة الأضعف في المعادلة - إلى مواجهة عسكرية يعمل المغرب على تجنبها لأن وقتها لم يحن بعد وفق رؤيته الاستراتيجية، في انتظار اكتمال التجهيزات والمعدات العسكرية الضرورية، بالإضافة إلى الدعم السياسي والمادي والمعنوي من الدول الشقيقة والصديقة، لقلب معادلة توازن الرعب في المنطقة.
من هنا يمكن فهم سبب الاجتماع الذي انعقد مؤخرا في الإمارات بين المغرب وموريتانيا، للتحضير للمشهد الجديد في المنطقة، بدعم دولي قوي: خليجي وأمريكي وأوروبي لا محالة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق