مقدمة لا بد منها:
لأن الإسلام انتشر بشكل كبير في مختلف أصقاع الأرض بحيث أصبح يعتنقه أكثر من ملياري شخص حول العالم. ولأنه دين إيماني ينسجم مع الفطرة الإنسانية التي جبلها الخالق على عقيدة التوحيد بعيدا عن كل أنواع الشرك الظاهر منه والخفي. وحيث أن جوهر الإسلام يقوم على عبادة الله وحده دون سواه وطاعته فيما أمر به واجتناب ما نهى عنه.../...
وكون أن انتشار الإسلام بالشكل السريع والكبير الذي لاحظه الجميع لا يعود لعملية القناعة بقدر ما يتعلق بمسألة الوراثة، بحكم أن كل من يولد من أبوين مسلمين يعتبر مسلما بالضرورة حتى لو كانت تصرفاته مجانبة لتعاليم السماء. هذا فيما عدد من اعتنقوا الإسلام في الغرب عن فهم وقناعة يكاد لا يذكر مقارنة مع عدد المسلمين بالوراثة.
• سبب إنشاء هذا الموقع
- بحكم أن الواقع القائم منذ أزيد من أربعة عشر قرنا في بلاد المسلمين يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن ما يعتنقه عموم المؤمنين هو دين الفقهاء لا دين السماء.
- ولأن النتائج بمقدماتها فلا يمكن اعتبار دين السماء الذي جاء أساسا لإسعاد البشرية من خلال إقامة العدل ومحاربة الفساد مسؤولا عن انتشار الجهل والترغيب في الفقر تكريس التخلف.
- ارتأينا أن نساهم بدورنا في تصحيح هذا الوضع الشاذ بإضاءة شمعة صغيرة تبدد بعضا من ظلمة هذا الليل الطويل الذي تركس فيه الأمة لدرجة اليأس وكأن قدرها أن تعاني من كل أنواع الفتن وألوان البلاء.
- ذلك أن عملية التغيير كما يقول الحق تعالى وتؤكدها سنن التاريخ لا يمكن أن تتم بمعزل عن الإنسان الذي جعله الله أداة كل تغيير لقوله عز وجل:
{إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} الرعد: 11، وبديهي ألا يكون التغيير المرجو ناجحا وفعالا إلا إذا كان مدعوما بعملية تصحيح المفاهيم الخاطئة التي ترسبت في العقل الجمعي للأمة منذ عصور ودهور لأسباب لا علاقة لها بالدين بقدر ما تخدم السياسة.
• من حيث المصادر
- نحن لا نزعم امتلاك الحقيقة التي لا يعلمها إلا الله، لكننا كمؤمنين مأمورين بخوض تجربتنا الأرضية على ضوء تعاليم السماء التي جعلها الله تعالى نورا نمشي به في الأرض بهدف الإصلاح، لنعيش تجربتنا الأرضية في أمن ووئام وسلام.
- لذلك سنعتمد في مقارباتنا المفاهيمية التي سنتناولها حول الدين على ما جاء في الذكر الحكيم دون سواه من المرويات من جهة، وعلى ما أثبته العلم الحديث من معطيات لا تتعارض مع القرآن الكريم بقدر ما تؤكد صدقية مضمونه من جهة ثانية، وذلك لقوله تعالى: {والطور * وكتاب مسطور * في رق منشور } سورة الطور من الآية 1 إلى 3، ما يعني أن كل ما هو مرسوم في هذا الكون الفسيح نشره الله بلغة الرمز والإشارة في الرق المنشور الذي هو كتاب الوحي المجيد.
• من حيث المنهج
لذلك سنعتمد في مقاربتنا المفاهيمية هذه على ركيزتين أساسيتين:
- الأولى قوله تعالى: {هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات} سورة آل عمران الآية 7، أي أننا سنرد التفاصيل الفرعية البيانية التي وردت في المتشابه من الآيات إلى عناوينها العامة المحكمة الذي تندرج تحتها لفهم المراد منها.
- أما الركيزة الثانية فهي قول رسوله الكريم محمد عليه السلام: "القرآن يفسر بعضه بعضا"، وهو ما يؤكد مضمون الآية السالفة الذكر ويوضح بجلاء أن معرفة المحكم الذي هو العنوان العام لا يكون إلا من خلال المتشابه الذي يوضحه حين يضاف إليه، ما يعني أنه لا يمكن تفسير القرآن من خارج القرآن وإلا لأصبح نصا مغلقا غير صالح لكل مكان وزمان.
- ودليلنا على صحة هذا المنهج قوله تعالى لرسوله الكريم عليه السلام: {وجاهدهم به جهادا كبيرا} الفرقان 52 في إشارة إلى القرآن الكريم، ما يعني بدل الجهد والمجاهدة لفهم المراد من الخطاب الإلهي وتبليغ معناه الحقيقي للناس، الأمر الذي من شأنه المساهمة الإيجابية في إصلاح حالهم في الدنيا وضمان خلاصهم في الآخرة، ما دام أن تبليغ رسالة السماء لم ينتهي بموت الرسول عليه السلام بموجب أمر التأسي به لقوله تعالى: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر} سورة الأحزاب الآية 21، وهذا هو السبيل الوحيد لنكون كما أرادنا الله أن نكون {خير أمة أخرجت للناس}. (لاحظ هنا أن الله تعالى يشير إلى التأسي بالرسول لا بالنبي لما يحيل إليه مصطل رسول من رسالة والتي هي القرآن).
• أهداف الموقع
- إذا كان الإصلاح من أجل العيش في أمن ووئام وسلام هو الغاية السامية لكل دعود دينية صادقة، فإن تحقيق هذه الغاية النبيلة يمر من خلال العمل على تحقيق أهداف مرحلية هامة ومهمة يمكن تلخيصها كالتالي:
o أ – الحثّ على التسامح الديني
- وهو ما لا يتحقق إلا من خلال خلق مناخ تعليمي ودعوي يعزز الفهم الواسع للدين حيث يمكن زرع بذرة التسامح والاحترام المتبادل في تربة المجتمع باعتباره الوعاء الذي يضم كل أبنائه باختلاف معتقداتهم وأفكارهم وتوجهاتهم.
o ب - التحفيز على العمل المشترك
- إن الوصول إلى فهم ديني مشترك فيما يتعلق بالمفاهيم الأساسية لمن شأنه أن يعزز الرغبة لدى الناس في العمل المشترك في ظل الاختلاف لتحقيق الخير العام وتحسين ظروف الحياة الفردية والجماعية باعتبارها شرطا من شروط الإقلاع الحضاري.
- ذلك أن الله لم يخلق الورود والأزهار في الطبيعة بلون واحد بل بألوان متعددة وأشكال مختلفة، الأمر الذي يجعل منها جنات جميلة.
- وكذلك هو الأمر بالنسبة للمجتمع، فمجتمع طائفي أو مذهبي لا يمكن أن يكون إلا مجتمعا عنصريا منغلقا على نفسه سجين ثقافته المكتسبة ورهينة لأوهامه التي لا تنتج أملا بقدر ما تولد اليأس والحزن والكدارة.
- ولعله من نافلة القول الإشارة إلى أن مجتمع ذكوري لا تؤدي فيه المرأة دورها الإنساني بجانب الرجل يعتبر مجتمعا معاقا مثله مثل طائر مكسور إحدى الجناحين لا يستطيع أن يحلق في السماء فيضل يتعثر في الأرض بين الحفر إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا.
• ج – نشر ثقافة الاحترام
- ما من شك أن الفهم الديني الصحيح يساهم بشكل كبير في ترسيخ قيم ثقافة الاحترام التي من شأنها تعزيز التلاقي والتعارف والتعاون، ليس بين مختلف مكونات المجتمع المسلم فحسب، بل بينه وبين المجتمعات الأخرى المخالفة له في الثقافة والمغايرة له في العقيدة ما دام الله قد خلقنا لنكون مختلفين أصلا لأنه لا تكامل من دون اختلاف ولا جمال من دون تنوع . لذلك قال تعالى: {ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين * إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم} هود: 118 و119.
- وعليه، فلماذا يصر الفقهاء على جعل الإنسان ينتمي لطائفة دون أخرى ويعتنق مذهبا دون آخر بزعم الطائفة الناجية وما سواها في النار، متقمصا بذلك دورا لم يخلقه الله له ولم يفرضه عليه؟
o د - التحرر من التقليد
- يلعب الفهم الرحب والصحيح للدين دورا حاسما في التحرر من قيود الطوائف والمذاهب والتخلص من ثقافة التقليد والحنين إلى الماضي الذي هو ضد سنة الله في الخلق والتي يعتبر التقدم والتطور الأساس الذي خلق الخلق من أجله بدليل قوله تعالى للملائكة: {إني أعلم ما لا تعلمون} البقرة : 30 .
- كما وأن الفهم الديني السليم يساهم بشكل كبير في تقليل التوترات الدينية بين الناس ويسهم في خلق بيئة هادئة ومستدامة ويقطع الطريق أمام ولادة وتنامي الأفكار المتطرفة التي تؤثر على أمن المجتمع وتهدد سلامة كيانه.
o هـ - تعزيز الثقة في النفس
- تساهم المفاهيم الصحيحة للدين في إشاعة التفاهم والقبول بين الناس لأنها تبعث في الإنسان الطمأنينة القلبية وترسخ فيه القناعة العقلية بصوابية السير والمسار الأمر الذي ينعكس إيجابا على تصرفاته وممارساته الحياتية وهذا هو التوازن المفقود بين البعد العقلي والبعد الروحي لدى الإنسان المسلم اليوم إلا من رحم الله.
o و – التحفيز على الابتكار والإبداع
- كما ويحفز الفهم الديني السليم الابتكار والإبداع لدى الإنسان الذي يتحرر من قيود التقليد وأغلال الانغلاق على النفس متعلقا بوهم انتظار الخلاص من الذي قد يأتي وقد لا يأتي.
o ز – تحسين الرفاه النفسي
- يعمل التصالح الروحي على تحسين الرفاه النفسي من خلال تقديم إطار روحي يعزز السعادة والرضا الداخلي.
- يشجع على التفكير الإيجابي والتقدير للحياة.
تعزيز المرونة العقلية
- يساعد التصالح الروحي في تطوير المرونة العقلية، مما يساعد الأفراد على التكيف مع التحديات الحياتية بشكل أفضل.
- يقوي القدرة على التحمل والتكيف في وجه الضغوط والمصاعب.
التأثير الإيجابي على مستوى الإجهاد
- تشير الأبحاث إلى أن الإيمان الصحيح والتصالح الروحي يمكن أن يقللان من مستويات الإجهاد.
- يعمل التركيز على الأبعاد الروحية على تهدئة العقل والتخفيف من الضغوط.
التأثير على العلاقات الاجتماعية
- يمكن أن يؤدي التصالح الروحي إلى تحسين العلاقات الاجتماعية، حيث يعزز التفاهم والتسامح.
- يسهم في بناء علاقات صحية وداعمة مع الآخرين.
التأثير على المشاركة الاجتماعية
- تشير النتائج في هذا المجال إلى أن الأفراد الذين يعيشون وفقًا للإيمان الصحيح يميلون إلى المشاركة الاجتماعية بشكل أكبر.
- كما يعزز التواصل مع المجتمع والمشاركة في الأنشطة الاجتماعية الرفاه النفسي.
زيادة مستوى التفاؤل
- يمكن للتصالح الروحي أن يعزز التفاؤل والنظر الإيجابي إلى المستقبل.
- يعمل على تعزيز الثقة بالنفس وإشعار الفرد بالهدف والهدف في الحياة.
• في الختـــام
- من المؤكّد أن التصالح الروحي مع النفس نتيجة الإيمان الصحيح يلعب دورًا كبيرًا في تحسين الصحة النفسية والعقلية، وهذا يظهر بوضوح من خلال العديد من الأبحاث والدراسات التي تبرز الفوائد النفسية للتواصل العميق مع الأبعاد الروحية للحياة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق