بحث داخل هذه المدونة الإلكترونية

معالم النظام العالمي الجديد تتشكّل؟

 


لعلّه من المبكر الحديث عن الصورة النهائية التي سينتهي إليها النظام العالمي الجديد على ضوء الصراع الدائر اليوم بالوكالة في أوكرانيا بين الغرب وروسيا، ذلك أن أوكرانيا ليست في نهاية المطاف سوى الفخ القاتل الذي نصبته الولايات المتحدة الأمريكية وحلف الناتو للدب الروسي بهدف إضعافه سياسيا واقتصاديا وعسكريا، بل وقوميّا قبل الإجهاز عليه وتمزيقه، خصوصا بعد أن فشلت سياسة الاحتواء التي انتهجتها واشنطن بعد نهاية الحرب الباردة وسقوط سور برلين سنة 1991، معلنة بذلك نهاية العهد السوفياتي القديم، حيث تبيّن بوصول بوتين إلى السلطة أن للدب الروسي أحلام ورديّة لإمبراطورية روسيّة تقوم على منطق القوّة.../...

الثابت والمتغيّر في السياسة الأمريكية: بين الاحتواء والمواجهة:

صحيح أن روسيا تعتبر دولة نووية قويّة لا يمكن هزيمتها في مواجهة عسكرية مباشرة أو بالوكالة، لكن من قال إن هدف أمريكا هو هزيمة روسيا عسكريّا في أوكرانيا؟.

إن المتابع لتطورات الأحداث الجيوسياسية في آسيا وأوروبا والمنطقة العربية منذ أن أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية الوريث الشرعي للإمبراطوريتين البريطانية والفرنسية المتداعيتين بعد الحرب العالمية الثانية، وواشنطن تنتهج استراتيجية الاحتواء كإحدى ثوابت سياستها الخارجية، والتي نجحت أيّما نجاح في إخضاع أوروبا واليابان وكوريا الجنوبية وفيتنام وغيرها، كما وأنها نجحت في كسر شوكة المعسكر الشرقي بتفكيك الاتحاد السوفياتي وحلف وارسو العسكري واحتواء الدول الشرقية التي كانت تدور في فلكه، مرة بالمواجهة الساخنة كما حدث مع يوغوسلافيا السابقة، ومرات  بفضل الثورات الملونة. بل ونجحت أيضا في تحويل إسرائيل إلى قلعة عسكرية متقدّمة في المنطقة العربيّة، للحؤول دون تحقيق وحدة عربية أو إسلامية من شأنها إضعاف النفوذ الغربي في المنطقة، خصوصا فيما له علاقة بالنفط وإدارة احتياطات العملة الضخمة التي يولّدها، منذ أن أصبح الدولار هو العملة المرجعية للتجارة الدولية.

ونتيجة لخروج عدد من دول حلف وارسو سابقا من تحت العباءة السوفيتية، انضمت هذه الدول إلى حلف الناتو. ففي عام 1999 لحقت دول مجموعة فيسغراد وهي هنغاريا وبولندا وجمهورية التشيك بالناتو، أما في عام 2004 فقد انضمت إلى الحلف دول مجموعة "فيلنيوس" وهي بلغاريا وإستونيا ولاتفيا وليتوانيا ورومانيا وسلوفاكيا وسلوفينيا. وفي عام 2009، وافق حلف الناتو على انضمام ألبانيا وكرواتيا، ليبلغ عدد أعضاء الحلف 30 دولة مع انضمام الجبل الأسود عام 2017 ومقدونيا الشمالية عام 2020. ومؤخرا، تم إدراج ثلاث دول هي البوسنة والهرسك وجورجيا وأوكرانيا تحت فئة الدول الطامحة للانضمام.

ولم تكتفي الولايات المتحدة بإشعال الثورات الملونة في شرق أوروبا لاقتلاع دولها من المعسكر الاشتراكي القديم، بل خطّطت لاستنزاف روسيا بصمتها على سلوكها في كل من الشيشان وجورجيا وجزيرة القرم وبيلاروسيا وكازاخستان وغيرها، وهي خطة ذكيّة أعطت موسكو إشارة خاطئة مفادها، أن الوقت قد حان لتتمدد اتجاه أوكرانيا. كما وأن واشنطن عملت جاهدة على توريط روسيا في مساحة جغرافية أوسع من منطقة آسيا، خصوصا عندما أشعلت  ما يسمّى بثورات الربيع العربي سنة 2011 في دول عرفت بأنها من حلفاء الاتحاد السوفياتي السابق كمصر بتنسيق مع تركيا التي تتبنى أنموذج الإسلام السياسي العلماني وبحكم تأثيرها على حركة الإخوان المسلمين والجماعات الإرهابية في المنطقة. واختيار إسقاط النظام في مصر لم يكن بسبب تمرّد الرئيس مبارك الذي كان خادما أمنا لمصالح الغرب وحاما وفيّا لأمن إسرائيل، بل بسبب ثقافة القومية العربية التي زرعها جمال عبد الناصر في شعبه، فأرادت أمريكا استبدالها بثقافة الإسلام السياسي المتطرّف. بالإضافة إلى العراق زمن صدام حسين حيث استغلّت الطموح الشيعي للسطة لقلب النظام هناك، وليبيا زمن معمر القذافي، واليمن زمن علي عبد الله صالح، وسوريا التي لا يزال بشار الأسد على رأس السلطة فيها بفضل تدخل روسيا في الحرب لإنقاذه منذ شهر ستنبر من عام  2015. ولم يبقى من هذه الدول اليوم في شمال افريقيا سوى الجزائر التي صمتت أمريكا على المذابح التي اقترفها نظام العسكر في حق الشعب خلال العشرية السوداء، بسبب حرصه على مصالحه المرتبطة بالنفط هناك. وبذلك لا يمكن القول أن عمليّة التنظيم الإستراتيجي الكبير قد اكتملت في المنطقة. 

أما الملكيات العربية، فبفضل مبادرة الأمن الجماعي التي أعلن عنها مجلس التعاون الخليجي في 20 أبريل 2016، وخطاب العاهل المغربي الذي أعلن فيه عن  تصميم البلدان الخليجية والمغرب بالإضافة إلى الأردن على التكتل والتكافل والتضامن لمواجهة خطورة الوضع في المنطقة العربية، خاصة في ظل الخلط الفاضح في المواقف الغربية، وازدواجية الخطاب بين التعبير عن الصداقة والتحالف، ومحاولات الطعن من الخلف، وإصرار الغرب على حياكة المؤامرات الدنيئة التي تستهدف المس بالأمن الجماعي لهذه الدول. وقد أعلنها العاهل المغربي دون مواربة ويصارحة غير معهودة بقوله، إن الغرب الأطلسي يريد أن يمس بما تبقى من الدول العربية، في إشارة إلى الملكيات بعد الجمهوريات. وهو الأمر الذي غيّر من المعطى الجيوسياسي الدولي، حيث استشعر الغرب خطر هذا التحالف المعلن ضده، ومدى تأثيره على إقتصاده وأمنه بالمقابل. وبسبب ذلك تراجعت واشنطن عن خطة التقسيم التي كانت تعتزم تنفيذها في الملكيات أيضا. فغيّرت واشنطن من بوصلة التوجه نحو روسيا، حين استشعرت أمريكا توجها خفيّا من حلفائها العرب التقليدين نحو الدب الروسي، خصوصا وأن روسيا دولة عظمى، لم يسبق لها وأن استعمرت دولة عربية، أو تدخّلت في شؤونها السياسية، أو فرضت عليها الأمن مقابل المصالح كما هي عادة الغرب اللاستعماري. بل كل ما تسعى إليه موسكو زمن بوتين هو ضمان أمنها وتنمية مصالحها. وهو الأمر الذي حوّلها في نظر واشنطن والغرب الأطلسي إلى عدو يجب التخلص منه قبل تنزيل مخطط التقسيم الذي توقّف في سوريا بفضل روسيا تحديدا.

والحقيقة أن أمريكا وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي السابق، حاولت احتواء روسيا بدمجها في النظام الاقتصادي العالمي بهدف إعادة تشكيل العقلية الروسية السلطويّة سياسيا أولا. والتأثير في الوعي الجمعي للشعب الروسي ثقافيا من خلال تسويق أنموذج الحريات وحقوق الإنسان الغربية ثانيا. وتحويل الشعب الروسي إلى مستهلك للمنتجات الغربية ثالثا. غير أن استراتيجيتها هذه اصطدمت بشغف بوتين للسلطة وطموحاته للقوّة وإعادة أمجاد الاتحاد السوفياتي السابق، فغيّرت واشنطن من سياستها تجاه موسكو، حيث اعتمدت استراتيجية التوظيف والإلهاء. وذلك بأن تركت لبوتين المجال للتوسّع في محيطه والتدخّل في دول بعيدة عن روسيا، خصوصا في البؤر التي أشعلت فيها واشنطن حروب وصراعات مفتعلة كما سبقت الإشارة. الأمر الذي ساعد على استنزاف روسيا الصاعدة اقتصاديا من تداعيات انهار الاتحاد السوفييتي السابق.  هذا علما أن الدخل القومي الروسي لا يقاس من قريب أو بعيد بالدخل القومي الأمريكي الذي يفوق 23 تريليون دولار، أما روسيا فيفوق دخلها القومي قليلا مبلغ  1.7 تريليون دولار، أي أقل بكثير من الدخل القومي الألماني الذي يفوق 4.3 تريليون دولار، بل وأقل حتى من الدخل القومي لدولة متوسّطة كإيطاليا أنقذتها الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية بفضل مشروع مارشال الذي حوّلها إلى دولة صناعية والذي يبلغ أكثر من 2.1 تريليون دولار. (حسب إحصائيات البنك الدولي). ومعلوم أن المال هو وقود الحرب، إذا شحّ بسبب الحصار الاقتصادي وإطالة أمد الحرب في أوكرانيا خسرت روسيا الرّهان وتحوّل حلمها إلى سراب. لذلك أمام روسيا خيارين: إما الاعتماد على دعم الصين بحكم التحالف العسكري الذي يربطهما لتحقيق نفس الغاية، ما سيجعل الصين اقوى مكانة من روسا في المشهد الدولي. أو حسم الحرب بتفعيل الخيار النووي لا التلويح به فحسب، وهو أمر قد يؤدي لا محالة إلى إشعال الحرب العالمية الثالثة التي تنبأ بوقوعها العدد من المحللين.

اليوم اكتشفت واشنطن أنها ارتكبت خطأ جسيما باستعداء الصين بمعية روسيا وإيران في نفس الوقت، حين وضعتهم في نفس السلة على أجندة المواجهة الساخنة، ودفعت الأمور نحو التصعيد الذي أصبح ينذر بقرب انفجار حرب عالمية ثالثة مدمّرة قد تنهي الحضارة البشرية إلى الأبد. وهو الأمر الذي اعتُبر من قبل محللين استراتيجيين كبار في واشنطن بمثابة غباء سياسي، ما دفع بدبابات الفكر الأمريكي إلى تغيير استراتيجيتهم في محاولة لفك التحالف الظرفي القائم بين روسيا من جهة والصين وإيران من جهة أخرى، لكن من دون التورط في الحرب الأوكرانية بشكل مباشر تجنبا لصدام دولي خطير، ومن دون القبول أيضا بأية وساطة لإنهاء الحرب في أوكرانيا إلى أن تُستنزف روسيا بالكامل وتستسلم للإرادة الأمريكية، ويقبل بوتين إما بالمنفى أو بالمحاكمة الجنائية كمجرم حرب كما حدث مع هتلر وصدام. ولهذه الغاية تحديدا أقحمت واشنطن الدول الأوروبية في الصراع الروسي الأكراني. غير أن ما ف رأس الجمل يعرف الجمّال، حيث بدأت روسيا تقيم إنقلابات عسكرية في دول إفريقية وتشعل بؤر توتر تشغل بها أمريكا والغرب في مناطق أستراتيجية بالغة الأهمة وعلى رأسها اليمن وفلسطين المحتلة.

وحيث أن السياسة هي فن اقتناص الفرص لتحقيق المصالح الوطنية، فقد كانت  زيارة وزير الخارجية الأمريكي للصين منتصف العام المنصرم، بعد خمس سنوات من القطيعة الدبلوماسية، بمثابة زلزال سياسي ضرب أركان الكرملين، حيث خرج المتحدث باسم الرئاسة ديميتري بيسكوف خلال مؤتمر صحفي للقول: "يتيح لنا مستوى الشراكة الاستراتيجية مع الصين التأكد من أن بناء مثل هذه العلاقات مع الدول الأخرى (يقصد أمريكا)، لن يكون موجهاً ضد بلدنا". وهو الأمر الذي يشتم منه شعور موسكو بمخاوف جادة من المقاربة الأمريكية الجديدة والخطيرة تجاه الصين، خصوصا بعد تصريح وزير الخارجية الأمريكي توني بلينكن الذي قال فيه "إن الولايات المتحدة تحترم سيادة الصين على أراضيها" وهو ما فهم منه أن أمريكا قدّمت لبكين جزيرة تايوان على طبق من ذهب مقابل أن تفك الأخيرة تحالفها الاستراتيجي مع روسيا وتلحق بالولايات المتحدة كشريك في النظام الدولي الجديد حماية لمصالحها الاستراتيجية، سواء في بحر الصين أو جنوب غرب آسيا أو المنطقة العربية وإفريقيا. وهو ما يؤشر إلى رؤية واشنطن الجديدة لإقامة نظام عالمي جديد ثنائي القطبيّة يقوم على أساس الاستقرار الاقتصادي وتنظيم المنافسة في مجال التكنولوجيا والرقائق الإلكترونية وأشباه الموصلات المتقدمة ومصادر الطاقة البديلة، مرورا بالتوافق حول ترتيبات الأمن العسكري في كل من اليابان وكوريا الجنوبية والفليبين وأستراليا والهند، وانتهاء بقضايا التغير المناخي والاستقرار العالمي على مستوى العالم. من خلال محاربة الإرهاب وفض النزاعات بطرق أكثر نزاعة. الأمر الذي يقودنا إلى التساؤل حول شكل مجلس الأمن الذي تعتزم الولايات المتحدة تشكيله، والدور الذي ستلعبه الدول الحليفة المنتسبة إليه، بحيث لا يبقى فيه مكانا لمعارضة قوى مناوئة لأمريكا في العالم. وفق رؤيتها الأحادية لإدارة العالم، وقد تمنح لمجلس الأمن الجديد قوة عسكرية ضاربة تكون بمثابة سيف ديموقليس لتنفيذ قرارات أمريكا الدولية.

ويعتبر قرار الرئيس الصيني لقاء وزير خارجية واشنطن عقب انتهاء محادثاته مع الخارجية الصينية والذي لم يكن مقررا من البداية، مؤشر على أن أعلى سلطة في الصين راضية بالعرض الأمريكي وترى فيه ضمانا كافيا لمصالحها القومية الوطنية والإقليمية والدولية، خصوصا وأن الصين تعتبر مصالحها الاقتصادية البراغماتية فوق التحالفات الإيديولوجية، وهذا بالضبط هو ما استشعرته القيادة الروسية من وراء المقايضة الأمريكية المعروضة على الصين.

أما إيران حليفة روسيا التي تدعمها بطائرات "الدرون" الانتحارية في أكرانيا وغيرها من الأسلحة الخفيفة والمتوسّطة، وتدعم التنظيمات المسلحة لزعزعة الاستقرار في كل من منطقة الشرق الأوسط (العراق وسوريا واليمن وغزة) وشمال إفريقيا (تسليح البوليساريو وتدريب عناصره من قبل حزب الله اللبناني، وأيضا تسليح وتدريب الجماعات الإرهابية في الساحل لزعزعة استقرار المنطقة: "مالي نموذجا"). ناهيك عن مساعدة روسيا على فتح قاعدة عسكرية في سورية وأخرى في السودان والثالثة في الجزائر جنوب تندوف لضرب استقرار المغرب وتحويل الجزائر إلى دولة محورية في شمال إفريقيا، وزرع مقاتلي منظمة فاغنير الروسية لطرد القوات الفرنسية والسيطرة على مالي والساحل الإفريقي وجمهورية إفريقيا الوسطى بمساعدة النظام العسكري الجزائري. وأخيرا وليس آخرا إشعال فتيل الحرب ف البحر الأحمر بين الحوثيين وامريكا وبريطانيا لقطع شريات التجارة الدولية عبر قناة السويس، وتهدد إيران ضرب شريان الملاحة في ممر جبل طارق انطلاقا من الجزائر.  

وفي إطار نفس سياسة الاحتواء عبر المقايضة، أومأت واشنطن إلى استعدادها لمراجعة موقفها من الاتفاق النووي مع إيران، الأمر الذي كان سيؤدي إلى إصلاح العلاقة مع طهران من خلال تجديد الاتفاق النووي الذي ألغاه الرئيس ترامب، لكن شريطة أن تفك إيران تحالفها العسكري مع روسيا، وتقدم ضمانات لحماية أمن إسرائيل، وعدم الاعتراض على دورها في المنطقة. ولأن إيران رفضت فك تحالفها مع روسيا وحاولت الضغط على واشنطن والغرب من خلال إشعال الحرب بين حماس وإسرائيل، الأمر الذي دفع بالأخيرة لاقتناص الفرصة وتحويل الحرب إلى حرب وجود هدفها اقتلاع حماس والمنظمات الداعمة لها من قطاع غزة، وإدارة القطاع من قبل سلطة مسالمة على شاكلة ما حدث في الضفة الغربية بعد مؤتمر أوسلو. وهو الهدف الذي تدعمه بشكل قوي أمريكا وبريطانيا على وجه الخصوص. 

وفي حال نجحت واشنطن في استقطاب الصين وتحييد إيران، فستتمكّن حتما من عزل روسيا ومحاصرتها، الأمر الذي سيمهّد لها الطريق لتفجير تحالف دول البريكس من الداخل، خصوصا بعد أن لاحظت اهتمام عديد الدول بالانضمام إلى هذا التحالف الاقتصادي الدولي الصاعد الذي أصبح يهدد مكانة الدولار كعملة مرجعية عالميّة، مثل الجزائر والأرجنتين والبحرين وبنغلاديش وبيلاروسيا ومصر وإندونيسيا وإيران والمكسيك ونيجيريا وباكستان والمملكة العربية السعودية والسودان وسوريا وتونس وتركيا والإمارات العربية المتحدة وفنزويلا وزيمبابوي. هذا علما أنه سبق وأن انضمت السعودية والإمارات رسميا لهذا التحالف. فيما رفض طلب الجزائر لعدم أهليتها الاقتصادية والسياسية ومكانتها الديبلوماسية للانضمام، حيث اعتبرها وزير خارجية موسكو ف تصريح صادم، بأنها "دولة بلا دور ولا قيمة ولا هيبة ولا اقتصاد منتج".

ولأن الرهان المستقبلي هو على إفريقيا لما تزخر به من موارد طبيعية هائلة، ونظرا لموقع المغرب الجيواستارتيجي كمحطة ربط بين أمريكا وأوروبا وآسيا وإفريقيا من جهة، وما ينعم به هذا البلد العريق من استقرار سياسي وتاريخ حضاري تميّز على الدوام بالتسامح الديني والتعايش الثقافي من جهة ثانية، ناهيك عن إخلاصه لتحالفاته الاستراتيجية خصوصا مع الولايات المتحدة الأمريكية منذ الحرب الباردة، فقد آن الأوان للدب الروسي الذي فقد الكثير من قوّته في أوكرانيا ليعيد النظر في استراتيجيته الحربية المغامرة قبل أن يجد نفسه يتخبّط في رماد الحرائق التي أشعلها في أوكرانيا من دون أن يمتلك القدرة على إنهائها قبل أن تنهيه وتنهي دولته.

وستكون لنا عودة قريبة جدا لإلقاء الضوء على خلفيات وأهداف وأساليب الصراع الإقليمي بين المغرب والجزائر على النفوذ في إفريقيا، في إطار الرؤية الشمولية التي قدمناها عن خارطة النظام العالمي الجديد الذي بدأ بالتشكل من رماد الحرب في أوكرانيا.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق