الأبعاد غير المعلنة للقمة الثلاثية بين المغرب ومصر والإمارات

(محور استراتيجي ثلاثي يربط الرباط والقاهرة وأبوظبي: 

تعاون سياسي واقتصادي وأمني يمتد من المحيط إلى النيل والخليج).


(تقرير تحليلي استراتيجي)

المحور الأول: الإطار الوقائعي ودلالات الشكل الدبلوماسي للقاء

لم تكن القمة الثلاثية التي استضافتها القاهرة مساء الثلاثاء 25 نوفمبر 2025 مجرّد لقاء بروتوكولي عابر بين القادة الثلاثة، بل بدت منذ اللحظة الأولى تحركًا دبلوماسيًا عاجلًا يحمل أجندة استراتيجية تتجاوز نطاق العلاقات الثنائية التقليدية. فقد جمعت هذه القمة ثلاثة فاعلين محوريين في العالم العربي وشمال أفريقيا: ملك المغرب؛ رئيس مصر؛ ورئيس دولة الإمارات.../...

الحياة بعد الموت من منظور الذكاء الإصطناعي

 

(نتائج برنامج "بديهيّة" حول الخلود الرقمي)


أولاً: الإطار المفاهيمي: الذكاء الاصطناعي وحدود الوجود

يُعدّ برنامج "بديهيّة" للذكاء الإصطناعي والخطاب الفكري المرتبط به، إطارًا تحليليًا مُعمّقًا يهدف إلى تفكيك الرؤى الفلسفية التي تسعى لاختزال الوجود الإنساني في ماديات صرفة. ينطلق هذا الخطاب من مبدأ "البديهية" العقلية لإثبات وجود الخالق وعنايته، وتفنيد الأطروحات المادية المعاصرة التي تتخذ من التقنية طريقًا لتجاوز حدود الوجود المادي دون الإقرار بحقيقة الغيب والبعث الإلهي.[^1] في هذا السياق، تظهر محاولات تحقيق الخلود الرقمي (Digital Immortality) كأحد التطبيقات المباشرة لمحاولات الفكر المادي الحديث تحدّي الموت، مما يضعها في قلب الجدال اللاهوتي والفلسفي.../...

جيل زد 212: أين اختفى؟

 


«بين خطاب الموت وخطاب المؤامرة: جيل يقف وحده على شرفة مدينة نائمة، يحدِّق في شاشة هاتفه بينما تتنازعُه ساعاتٌ كثيرة: ساعةُ الترند، وساعةُ المراقبة، وساعةُ الدولة… وفي الأعلى تدور ساعةٌ كونية تذكّره أن التاريخ أطول بكثير من ضجّة هذه الليلة».

تمهيد: 

منذ خريف 2025 شكّلت حركة جيل زد 212 أكبر مفاجأة في المشهد السياسي المغربي بعد حراك الريف. خرج آلاف الشباب إلى الشارع بدعوات صادرة من تيك توك وإنستغرام وديسكورد، بلا أحزاب ولا نقابات ولا قيادات تقليدية. ثم فجأة خفتت المظاهرات، وبدأت روايتان متناقضتان في التداول: رواية تقول إن الحركة ماتت سريريًا وفشلت وانتهت، ورواية مضادة تتحدث عن تنظيم سرّي يستعد لـ«فوضى عارمة» بتنسيق مع شبكات عالمية وخبرات تقنية غامضة.../...

أيُّهما أوّلاً: الدّيموقراطيّة أم التّنمية؟

 

(تحليل سياسي)

تمهيـــد

يُعدّ موضوع العلاقة بين الديمقراطية والتنمية من أكثر القضايا إلحاحًا في حقل الدراسات السياسية والتنموية. فمنذ ستينيات القرن الماضي، انقسم الباحثون بين اتجاهين متعارضين:

الاتجاه الأول، ويتزعمه باحثون مثل "سيمور ليبست" (Seymour Lipset)، الذي يرى أن التنمية الاقتصادية شرط ضروري لترسيخ الديمقراطية. فكلما ارتفع مستوى الدخل والتعليم وتطورت الطبقة الوسطى، ازدادت فرص التحول الديمقراطي واستمراره.

الاتجاه الثاني، ويمثله مفكرون في الاقتصاد السياسي المعاصر مثل "أمارتيا سن" (Amartya Sen)، الذي يعتبر أن الديمقراطية نفسها عامل محفّز للتنمية، لأنها تضمن الشفافية، المحاسبة، وحماية حقوق الإنسان، وبالتالي تمنع الانحرافات السلطوية التي تعطل النمو.../...

هل الزمن حقيقة أم وهم؟..

 

(رحلة الوجود بين القرآن والفلسفة والفيزياء)


تمهيد: إشكالية الزمن الجوهرية

الزمن من أكثر المفاهيم إشكالًا في الفكر الإنساني. فمنذ الفلاسفة الأوائل (أرسطو وأفلاطون) طُرح السؤال: هل الزمن جوهر مستقل، أم مجرد قياس للحركة؟ وفي الفلسفة الإسلامية طُرحت القضية من منظور ميتافيزيقي: فالزمن عند الفارابي وابن سينا مقياس للتغيّر، لكنه لا يُفهم إلا في علاقته بالوجود (S_S8). أما في الفيزياء الحديثة فقد شكّل اكتشاف أينشتاين للنسبية بداية ثورة حقيقية؛ إذ لم يعد الزمن مطلقًا ثابتًا، بل نسبيًا يتغير بتغيّر السرعة والجاذبية لارتباطه بدوران الأفلاك في الكون.../...

الصلاة على النبي: بين المعنى التراثي والمفهوم القرآني

 


(اللفظ بين العادة والدلالة)

تمهيد: 

لعلّ من أكثر العبارات التي تكرّرها الألسنة حتى استُهلكت معناها، قولنا: "اللهم صلّ وسلم على محمد"، بين ترديدٍ صوتيٍّ يتوارثه الناس جيلاً بعد جيل، ومعنى قرآنيٍّ عميقٍ ضاع في الزحام.

يقف هذا المقال ليعيد فتح النصّ من بابه الأول، فالآية: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا[الأحزاب: 56]، لا تدعو إلى ترديد القول، بل إلى المشاركة في الفعل الإلهيّ: رحمة، ونور، واقتداء بالأخلاق.  لكن كيف؟.../...

حين يصبح الحكم الذاتي اختبارًا لحدود السلطة الملكية

 

(بين الرغبة في استرضاء المنتظم الدولي والخوف من المسّ بجوهر السلطة) 

- «إن الوطنية الحقة لا تعني المزايدة في الخطاب، بل الاستعداد لتحمّل النتائج مهما كانت قاسية» — عبد الرحيم بوعبيد (1981).

- «الملك هو من يحكم، ونحن نساعده فقط على تنفيذ رؤيته» — عبد الإله بنكيران (2016).


1. تمهيد: من قضية ترابية إلى امتحان لنظام الحكم

لم تعد قضية الصحراء مجرّد نزاعٍ جغرافيّ أو إقليميّ، بل تحوّلت اليوم إلى اختبار حقيقيّ لبنية النظام السياسي المغربي وقدرته على التكيّف مع المتغيرات الدولية الجديدة. فبعد عقود من احتكار القرار من طرف القصر، عاد الملف ليتحوّل إلى مرآةٍ تكشف حدود السلطة الملكية ذاتها، في وقتٍ أصبح فيه المنتظم الدولي يطالب بـ«حلّ سياسي واقعي ودائم قائم على التوافق».../...

ورش تنزيل الجهوية المتقدمة في المغرب

 

(تقرير شامل)

(المفهوم والإطار، الأبعاد السياسية والقانونية، تحديات التنفيذ، والآفاق الاستراتيجية للتنمية)

التمهيــد

يمثل ورش الجهوية المتقدمة في المغرب تحولًا جوهريًا في مسار الحكامة الترابية، وخطوة استراتيجية نحو تعزيز اللامركزية والديمقراطية المحلية. إن هذا الإصلاح العميق لا يقتصر على إعادة هيكلة إدارية للبلاد، بل هو رؤية شاملة تهدف إلى تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المتوازنة، وتقليص الفوارق المجالية بين الجهات، وتمكين الفاعلين المحليين من تسيير شؤونهم بأنفسهم. هذا المسار الإصلاحي، الذي يمتد لعقود، يجد تجسيده الأبرز في الترسانة القانونية والمؤسساتية التي وُضعت في دستور 2011، مما يجعله ركيزة أساسية لنموذج تنموي جديد آن الأوان للاشتغال على تفاصيله بهدف تنزيله واقعا عمليا على الأرض ليشمل كافة جهات المغرب بدل الصحراء فحسب، وفق ما تقتضيه مبادىء العدالة المجالية .../...

المعادلة المستحيلة: حكم ذاتي في إطار ملكية تنفيذية (!؟)

 

«في ظل نظام حكم مركزي، يظل الحكم الذاتي وعدًا مؤجّلا»


1. تمهيد: بين قرار مجلس الأمن وخطاب الملك

جاء قرار مجلس الأمن رقم 2797 (أكتوبر 2025) ليكرّس استمرار ما يُسمّى بـ “العملية السياسية” بشأن الصحراء تحت إشراف الأمم المتحدة. القرار حافظ على نغمة “الواقعية والتوافق” دون أي تغيير جوهري في المعادلة، في مشهد يعيد التأكيد على أن الملف لم يعد مجرد قضية ترابية، بل أصبح رهينة توازنات جيوسياسية معقدة تخضع لقواعد لعبة الكبار السّرّية ومصالحهم الظاهرة والخفية…/…

جيل Z المغربي: بين الكمون والانفجار

 

(قراءة في الأسباب والديناميات والسيناريوهات العملية)

دراسة تحليلية معمّقة: الخلفيات التاريخية، المقارنات الدولية، الاقتصاد السياسي، والسيناريوهات المستقبلية.

تمهيد: ما بعد الصخب… بداية الفهم

عاد الهدوء إلى الشارع، لكنّه هدوءٌ مُفكِّر لا “نهاية قصة”. فالشروط البنيوية التي أنجبت موجة احتجاجات جيل Z لم تتغيّر تغيّرًا جوهريًا: فجوةٌ بين الطموح والواقع، أزمة ثقة في وسائط التمثيل، اقتصاد امتيازات يلتهم المساواة، وإحساسٌ عام بأن “القواعد” هي المشكلة لا “اللاعبون”. جيل Z لم يختفِ؛ انخفض صوته في الساحات وارتفع في العقول: ليست "استراحة محارب" كما يحلو للبعض وصفها، ولا "أسبوع مشمش" فات وانقضى كما يقول بعض المتطفلين على التحليل السياسي، بل كُمونٌ تنظيمي، تراكم معرفة، تعديل في الخطط، بناء شبكات محليّة، وتعلّم من أخطاء الجولة الأولى للانطلاق بعزم وثبات نحو المستقبل.../...

"عيد الوحدة الوطنية".. بين خطاب الأخوّة وغياب العدالة

 

(مقال سياسي)

أعلن الملك محمد السادس أن يوم 31 أكتوبر من كل عام سيُخلّد كـ ”عيد للوحدة الوطنية”، تتويجا لقرار مجلس الأمن الذي اعتبر مبادرة الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية الحل الواقعي الوحيد لقضية الصحراء. لكن السؤال الذي يفرض نفسه اليوم على ضمير كل مغربي هو: 

- عن أي عيدٍ يتحدث الملك، وخيرة شباب الوطن يقضون أعمارهم خلف القضبان؟

- كيف يُحتفل بالوحدة بينما البلاد تعجّ بفاقدي الحرية من أبناء الوطن المسجونين ظلمًا وراء الأسوار؟

- أية وحدة هذه التي يُشاد بها أمام الأمم المتحدة، فيما الأمة نفسها تُكسر أصواتها في ساحات المحاكم مندّدة بغياب العدالة؟.../...

الأحزاب السياسية المغربية: أكبر عائق أمام الديموقراطية



(تحليل سياسي) 

تمهيـــد:

   في سياق التحولات السياسية العالمية، غالبًا ما يُوصف المشهد السياسي المغربي بـ "الديمقراطية الصورية" أو "ديمقراطية الواجهة". يشير هذا المفهوم إلى وجود مؤسسات ديمقراطية شكلية مثل البرلمان، والحكومة، والأحزاب السياسية، لكنها لا تمتلك سلطات حقيقية فعالة في صنع القرار. وبدلاً من ذلك، تظل السلطة الفعلية متركزة في يد المؤسسة الملكية (الصندوق الأسود). تُعدّ هذه الديمقراطية مجرد واجهة يستخدمها النظام لضمان الشرعية الداخلية والخارجية، وإظهار التزامه بالإصلاحات السياسية دون المساس بجوهر البنية السلطوية التي يمثلها أو بمواقع القوى الاقتصادية التي يدعمها.../...

الصلاة: أوقات إقامتها وطريقة أدائها من القرآن الكريم (3)

 


(بحث ديني)

تمهيد

إذا كان التراثيون يقولون إن دليل الاستناد إلى السنّة كمصدر ثاني للتشريع هو الصلاة التي لم يذكر القرآن أوقاتها ولا عدد ركعاتها ناهيك عن طريقة أدائها، وأنه لولا السنة لما عرف المسلمون كيف يصلّون.. فإن خطورة مثل هذا القول، أنه يضع المسلم أمام خيارات تلاثة: 1) خيار يؤدي إلى الكفر بآيات الله. 2) خيار يؤدي إلى الإيمان بما شرّع الله دون سواه. 3) وخيار يضع المسلم المستنير وجها لوجه أمام كتاب الله، ليبحث فيه عن الحقيقة بالعقل، بدل اتباع المتوارث من العبادات بالنقل. وتوضيح ذلك يكون كالتالي:.../...

من الاستفتاء إلى الحكم الذاتي: هل يكسب المغرب الرهان؟

 

(التحوّل القانوني والسياسي في نزاع الصحراء المغربية)

من نزاع الأرض إلى اختبار السيادة الذكية

بعد نصف قرنٍ من المواجهات والمناوشات والخطابات والاصطفافات، لم يعد الرهان في الصحراء على من يربح الأرض، بل على من يملك شجاعة بناء سيادةٍ ذكية توازن بين الشرعية الدولية وكرامة الإنسان.

قرار مجلس الأمن الأخير ليس نهاية النزاع، بل بداية اختبار جديد لذكاء السياسات في منطقة أصبحت مركز الجاذبية الجيواستراتيجية للعالم.

فالمغرب اليوم لم يعد مجرد قضية حدود، بل جسر عبور آمن بين الشمال والجنوب، بين أوروبا وإفريقيا، وبين الشرق والغرب.

وفي سياق سباق القوى العظمى نحو هذا "الدورادو الجديد" الذي تمثله القارة السمراء، لن يربح الرهان سوى من يجمع بين القانون والعمران، بين القوة والرحمة، بين الأرض وكرامة الإنسان.../...

الصحراء المغربية: بين مقترح الحكم الذاتي والقرار المرتقب

 

(قراءة في مواقف القوى الكبرى والسيناريوهات المحتملة)

تمهيد: مجلس الأمن على موعد حاسم

يعقد مجلس الأمن الدولي يوم 30 أكتوبر/تشرين الأول 2025 جلسة للتصويت على مشروع قرار أميركي يخصّ الصحراء، يتّجه—بحَسَب الصيغة المتداولة—إلى تأكيد مركزية مبادرة الحكم الذاتي لعام 2007 كإطار العملية السياسية، مع تمديد قصير لولاية المينورسو حتى 31 يناير/كانون الثاني 2026 بدل التمديد السنوي المعتاد، ما يضع ضغطًا زمنيًا على الأطراف ويكسر رتابة التجديد الآلي للمهمة. هذا التوجّه أثار امتعاض الجزائر والبوليساريو، بينما ترى فيه عواصم غربية “تصحيحًا للمسار” نحو تسوية واقعية.../...