بحث داخل هذه المدونة الإلكترونية

مقالة سياسية: الصحراء الشرقية مغربية منذ القرن الحادي عشر

 


شرعية النظام الجزائري قائمة على تاريخ مزيف بالكامل

أصدر المؤرخ والأستاذ الجامعي الفرنسي، بيرنارد لوغان، كتابا من شأنه أن يسيل الكثير من المداد في الجزائر وفي فرنسا، تحت عنوان "تاريخ الجزائر"، بالنظر إلى أنه يضع العديد من "المسلمات" الجزائرية تحت المجهر، بما في ذلك الأراضي المغربية التي ضمها الاستعمار إلى الغرب الجزائري. كما ويؤكد في كتابه أن الجزائر لم تكن موجودة كدولة قبل 1962، وأن شرعية النظام الجزائري قائمة على تاريخ مزيّف بالكامل.../...


وشهد شاهد من أهلها

تقول صحيفة "الجزائر تايمز" المستقلة، والتي اطلعت على مضمون هذا الكتاب الحديث والهام لما تضمنه من حقائق تاريخية موثّقة في الأرشيف الفرنسي، إن المؤرخ الفرنسي لوغان، أستاذ سابق بمدرسة "سان سير كويتكيدان" العسكرية، وقد أتبع نشر كتابه مباشرة بحوار مع صحيفة Le Journal Du Dimanche وقف فيه على العديد من القضايا المعقدة التي تخص العلاقات الفرنسية الجزائرية، مثل الصراع على ترحيل المواطنين الجزائريين غير المرغوب فيهم داخل الأراضي الفرنسية، وسجن الكاتب بوعلام صنصال بسبب تصريحاته حول التبعية التاريخية للغرب الجزائري للسيادة المغربية، وكذا عن ارتباطات الأزمة الفرنسية بملف الصحراء المغربية.


الجزائر وفرنسا والصحراء

يدعم لوغان، توجه وزير الدولة الفرنسي المكلف بالداخلية، برونو روتايو، الذي ينادي بـ "رد متدرج" ضد الجزائر، في حال رفضت استعادة مواطنيها الذين صدرت في حقهم قرارات الترحيل من فرنسا بسبب نشاطاتهم الإجرامية، مع الإشارة إلى مقولته "نحن لا نريد الحرب مع الجزائر، بل الجزائر هي التي تعتدي علينا".

وأكد المؤرخ الفرنسي النزعة العدوانية للنظام الجزائري تجاه فرنسا، مستدلا بكلمات النشيد الوطني الجزائري التي تقول: "يا فرنسا قد مضى وقت العتاب، وطويناه كما يطوى الكتاب.. يا فرنسا إن ذا يوم الحساب، فاستعدي وخذي منا الجواب". وهو ما يشير إلى أن الجزائر تعتبر نفسها في حالة حرب مع فرنسا منذ سنة 1962. وهو ما يجعل مهمة الوزير الفرنسي "برونو روتايو" مهمة صعبة، لأنه وفق قوله: "يجب عليه أن يقاتل حتى داخل فرنسا، وداخل الحكومة نفسها، ضد مجموعات الضغط اليسارية الفرنسية التي تواصل الدفاع عن الكذبة الوطنية الجزائرية".

ولتجاوز توصيف الوضع الحالي، يرى "لوغان"، الكاتب والمؤرخ والأستاذ الأكاديمي المتخصص في الشؤون الحربية، أنه لا بد من العودة إلى التاريخ الذي يفسر كل شيء في الجزائر، قائلا: "السبب المباشر لتسارع هذه الحرب التي تشنها الجزائر ضد فرنسا، هو أنه، بعد أن اعتادت على تلبية جميع مطالبها بشأن الذاكرة، لم تتقبل الجزائر اعتراف باريس بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، رغم أن هذه السيادة تعود إلى القرن الحادي عشر".


تاريخ رسمي زائف

وتعلق صحيفة "الجزائر تايمز" على ما أورده المؤرخ الفرنسي بالقول: "إن عبارة المؤرخ الجزائري محمد حربي، الذي يرى أن التاريخ هو الجحيم وهو الجنة بالنسبة للجزائريين"، فإن المؤرخ والمحاضر الفرنسي صاحب كتاب "تاريخ الجزائر"، يرى أن "التاريخ يُظهر أن الجزائر لم تكن موجودة قبل 1962، مما يفسر عقدة النقص الوجودية التي تطارد قادتها، وتمنعهم من إجراء أي تحليل عقلاني".

ويستطرد لوغان بالقول: "لكن، للمفارقة، فإن هذا التاريخ هو أيضًا "جنة" بالنسبة لهم، لأنهم، من أجل نسيان أنه "جحيم"، قاموا بصنع ملحمة زائفة ذات طابع تمجيدي، وهم مضطرون للتظاهر بالإيمان بها، وهي الأساس الذي تقوم عليه شرعية النظام الجزائري، وبما أن هذا التاريخ الرسمي يصور فرنسا على أنها أصل جميع مشاكل الجزائر، فإنه ما دامت القيادة الحالية للجزائر لم تنتهِ بيولوجيًا، فإن أي مُصالحة ستكون مستحيلة".

وارتباطا بذلك، يحيل لوغان على أسباب سجن الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال، موردا: "إننا هنا في صميم التاريخ الجزائري الزائف الذي صنعته جبهة التحرير الوطني منذ 1962، مع الجزائر، نحن دائمًا نعود إلى التاريخ، ولهذا السبب كتبتُ هذا الكتاب".

واعتبر الأستاذ الجامعي الفرنسي أن صنصال: "تجرأ على الكشف للعامة عن حقيقة معروفة لدى المؤرخين الجادين، ولكنها محظورة من النشر، وهي أنه قبل الاستعمار الفرنسي، كان غرب الجزائر مثل بشار، تندوف، تيديكلت، قورارة، الساورة، وتبلبالة.. جزءًا لا يتجزأ من المغرب، وأن فرنسا هي التي فصلتها عن المغرب لإنشاء الجزائر الفرنسية".


جريمة صنصال: قوله الحقيقية

ويعتبر لوغان أن ما زاد من تفاقم وضع صنصال، هو أنه كشف بعض خبايا ما يسمى بحرب التحرير، ذلك أن قادة الجزائر الذين كانوا يحظون بالدعم الدبلوماسي والمالي والعسكري خلال هذه الحرب مع المغرب، التزموا بأنه بمجرد حصولهم على الاستقلال، ستتم إعادة الأراضي التي اقتطعتها فرنسا إلى المملكة، لكن، بعد 1962، لم تكتف الجزائر بعدم الوفاء بوعدها فحسب، بل تسببت أيضا في  شنّ حرب الرمال ضد المغرب عام 1963".

ويعتبر المؤرخ الفرنسي أنه تم سجن بوعلام صنصال لأنه تجرأ على المساس بـ "الأسطورة المؤسسة للدولة في الجزائرٍ، والتي تزعم أن الجزائر بالحدود الموروثة عن الإستعمار أرض واحدة وغير قابلة للتجزئةا"، مضيفا: "مثل هذا القول يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون الجزائري بشدة، فالنظام الذي احتجز صنصال رهينة، لا يمكنه تحمل أدنى مساس بالعقيدة التاريخية الوطنية، لأن أي مراجعة لها تمثل تهديدًا وجوديًا للنظام".

وخلص لوغان إلى أن الرئيس ماكرون "كان دائمًا خاضعًا للجزائر، وبما أنه تجرأ على وصف الاستعمار بأنه جريمة ضد الإنسانية، فهو إذًا في موقف حرج للغاية في هذه القضية"، وتابع: "بالإضافة إلى ذلك، ونظرًا لأن الاستراتيجية الجزائرية تهدف إلى استهداف الوزير روتايو من خلال شبكات النظام الجزائري المتغلغلة في وسائل الإعلام الفرنسية، فإن هذه الاستراتيجية ستنهار فورًا إذا اتخذ الرئيس ماكرون موقفًا حاسمًا في هذا الشأن".


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق