حين يصبح الحكم الذاتي اختبارًا لحدود السلطة الملكية

 

(بين الرغبة في استرضاء المنتظم الدولي والخوف من المسّ بجوهر السلطة) 

- «إن الوطنية الحقة لا تعني المزايدة في الخطاب، بل الاستعداد لتحمّل النتائج مهما كانت قاسية» — عبد الرحيم بوعبيد (1981).

- «الملك هو من يحكم، ونحن نساعده فقط على تنفيذ رؤيته» — عبد الإله بنكيران (2016).


1. تمهيد: من قضية ترابية إلى امتحان لنظام الحكم

لم تعد قضية الصحراء مجرّد نزاعٍ جغرافيّ أو إقليميّ، بل تحوّلت اليوم إلى اختبار حقيقيّ لبنية النظام السياسي المغربي وقدرته على التكيّف مع المتغيرات الدولية الجديدة. فبعد عقود من احتكار القرار من طرف القصر، عاد الملف ليتحوّل إلى مرآةٍ تكشف حدود السلطة الملكية ذاتها، في وقتٍ أصبح فيه المنتظم الدولي يطالب بـ«حلّ سياسي واقعي ودائم قائم على التوافق».../...

ورش تنزيل الجهوية المتقدمة في المغرب

 

(تقرير شامل)

(المفهوم والإطار، الأبعاد السياسية والقانونية، تحديات التنفيذ، والآفاق الاستراتيجية للتنمية)

التمهيــد

يمثل ورش الجهوية المتقدمة في المغرب تحولًا جوهريًا في مسار الحكامة الترابية، وخطوة استراتيجية نحو تعزيز اللامركزية والديمقراطية المحلية. إن هذا الإصلاح العميق لا يقتصر على إعادة هيكلة إدارية للبلاد، بل هو رؤية شاملة تهدف إلى تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المتوازنة، وتقليص الفوارق المجالية بين الجهات، وتمكين الفاعلين المحليين من تسيير شؤونهم بأنفسهم. هذا المسار الإصلاحي، الذي يمتد لعقود، يجد تجسيده الأبرز في الترسانة القانونية والمؤسساتية التي وُضعت في دستور 2011، مما يجعله ركيزة أساسية لنموذج تنموي جديد آن الأوان للاشتغال على تفاصيله بهدف تنزيله واقعا عمليا على الأرض ليشمل كافة جهات المغرب بدل الصحراء فحسب، وفق ما تقتضيه مبادىء العدالة المجالية .../...

المعادلة المستحيلة: حكم ذاتي في إطار ملكية تنفيذية (!؟)

 

«في ظل نظام حكم مركزي، يظل الحكم الذاتي وعدًا مؤجّلا»


1. تمهيد: بين قرار مجلس الأمن وخطاب الملك

جاء قرار مجلس الأمن رقم 2797 (أكتوبر 2025) ليكرّس استمرار ما يُسمّى بـ “العملية السياسية” بشأن الصحراء تحت إشراف الأمم المتحدة. القرار حافظ على نغمة “الواقعية والتوافق” دون أي تغيير جوهري في المعادلة، في مشهد يعيد التأكيد على أن الملف لم يعد مجرد قضية ترابية، بل أصبح رهينة توازنات جيوسياسية معقدة تخضع لقواعد لعبة الكبار السّرّية ومصالحهم الظاهرة والخفية…/…

جيل Z المغربي: بين الكمون والانفجار

 

(قراءة في الأسباب والديناميات والسيناريوهات العملية)

دراسة تحليلية معمّقة: الخلفيات التاريخية، المقارنات الدولية، الاقتصاد السياسي، والسيناريوهات المستقبلية.

تمهيد: ما بعد الصخب… بداية الفهم

عاد الهدوء إلى الشارع، لكنّه هدوءٌ مُفكِّر لا “نهاية قصة”. فالشروط البنيوية التي أنجبت موجة احتجاجات جيل Z لم تتغيّر تغيّرًا جوهريًا: فجوةٌ بين الطموح والواقع، أزمة ثقة في وسائط التمثيل، اقتصاد امتيازات يلتهم المساواة، وإحساسٌ عام بأن “القواعد” هي المشكلة لا “اللاعبون”. جيل Z لم يختفِ؛ انخفض صوته في الساحات وارتفع في العقول: ليست "استراحة محارب" كما يحلو للبعض وصفها، ولا "أسبوع مشمش" فات وانقضى كما يقول بعض المتطفلين على التحليل السياسي، بل كُمونٌ تنظيمي، تراكم معرفة، تعديل في الخطط، بناء شبكات محليّة، وتعلّم من أخطاء الجولة الأولى للانطلاق بعزم وثبات نحو المستقبل.../...

"عيد الوحدة الوطنية".. بين خطاب الأخوّة وغياب العدالة

 

(مقال سياسي)

أعلن الملك محمد السادس أن يوم 31 أكتوبر من كل عام سيُخلّد كـ ”عيد للوحدة الوطنية”، تتويجا لقرار مجلس الأمن الذي اعتبر مبادرة الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية الحل الواقعي الوحيد لقضية الصحراء. لكن السؤال الذي يفرض نفسه اليوم على ضمير كل مغربي هو: 

- عن أي عيدٍ يتحدث الملك، وخيرة شباب الوطن يقضون أعمارهم خلف القضبان؟

- كيف يُحتفل بالوحدة بينما البلاد تعجّ بفاقدي الحرية من أبناء الوطن المسجونين ظلمًا وراء الأسوار؟

- أية وحدة هذه التي يُشاد بها أمام الأمم المتحدة، فيما الأمة نفسها تُكسر أصواتها في ساحات المحاكم مندّدة بغياب العدالة؟.../...

الأحزاب السياسية المغربية: أكبر عائق أمام الديموقراطية



(تحليل سياسي) 

تمهيـــد:

   في سياق التحولات السياسية العالمية، غالبًا ما يُوصف المشهد السياسي المغربي بـ "الديمقراطية الصورية" أو "ديمقراطية الواجهة". يشير هذا المفهوم إلى وجود مؤسسات ديمقراطية شكلية مثل البرلمان، والحكومة، والأحزاب السياسية، لكنها لا تمتلك سلطات حقيقية فعالة في صنع القرار. وبدلاً من ذلك، تظل السلطة الفعلية متركزة في يد المؤسسة الملكية (الصندوق الأسود). تُعدّ هذه الديمقراطية مجرد واجهة يستخدمها النظام لضمان الشرعية الداخلية والخارجية، وإظهار التزامه بالإصلاحات السياسية دون المساس بجوهر البنية السلطوية التي يمثلها أو بمواقع القوى الاقتصادية التي يدعمها.../...

الصلاة: أوقات إقامتها وطريقة أدائها من القرآن الكريم (3)

 


(بحث ديني)

تمهيد

إذا كان التراثيون يقولون إن دليل الاستناد إلى السنّة كمصدر ثاني للتشريع هو الصلاة التي لم يذكر القرآن أوقاتها ولا عدد ركعاتها ناهيك عن طريقة أدائها، وأنه لولا السنة لما عرف المسلمون كيف يصلّون.. فإن خطورة مثل هذا القول، أنه يضع المسلم أمام خيارات تلاثة: 1) خيار يؤدي إلى الكفر بآيات الله. 2) خيار يؤدي إلى الإيمان بما شرّع الله دون سواه. 3) وخيار يضع المسلم المستنير وجها لوجه أمام كتاب الله، ليبحث فيه عن الحقيقة بالعقل، بدل اتباع المتوارث من العبادات بالنقل. وتوضيح ذلك يكون كالتالي:.../...

من الاستفتاء إلى الحكم الذاتي: هل يكسب المغرب الرهان؟

 

(التحوّل القانوني والسياسي في نزاع الصحراء المغربية)

من نزاع الأرض إلى اختبار السيادة الذكية

بعد نصف قرنٍ من المواجهات والمناوشات والخطابات والاصطفافات، لم يعد الرهان في الصحراء على من يربح الأرض، بل على من يملك شجاعة بناء سيادةٍ ذكية توازن بين الشرعية الدولية وكرامة الإنسان.

قرار مجلس الأمن الأخير ليس نهاية النزاع، بل بداية اختبار جديد لذكاء السياسات في منطقة أصبحت مركز الجاذبية الجيواستراتيجية للعالم.

فالمغرب اليوم لم يعد مجرد قضية حدود، بل جسر عبور آمن بين الشمال والجنوب، بين أوروبا وإفريقيا، وبين الشرق والغرب.

وفي سياق سباق القوى العظمى نحو هذا "الدورادو الجديد" الذي تمثله القارة السمراء، لن يربح الرهان سوى من يجمع بين القانون والعمران، بين القوة والرحمة، بين الأرض وكرامة الإنسان.../...

الصحراء المغربية: بين مقترح الحكم الذاتي والقرار المرتقب

 

(قراءة في مواقف القوى الكبرى والسيناريوهات المحتملة)

تمهيد: مجلس الأمن على موعد حاسم

يعقد مجلس الأمن الدولي يوم 30 أكتوبر/تشرين الأول 2025 جلسة للتصويت على مشروع قرار أميركي يخصّ الصحراء، يتّجه—بحَسَب الصيغة المتداولة—إلى تأكيد مركزية مبادرة الحكم الذاتي لعام 2007 كإطار العملية السياسية، مع تمديد قصير لولاية المينورسو حتى 31 يناير/كانون الثاني 2026 بدل التمديد السنوي المعتاد، ما يضع ضغطًا زمنيًا على الأطراف ويكسر رتابة التجديد الآلي للمهمة. هذا التوجّه أثار امتعاض الجزائر والبوليساريو، بينما ترى فيه عواصم غربية “تصحيحًا للمسار” نحو تسوية واقعية.../...

معضلة التغيير في المغرب: بين الزمن الديني والزمن السياسي

 

(بحث سياسي)

تمهيد: أزمة ما بعد "الجمعة السوداء"

يتمثل التحدي الأكبر الذي تواجهه "حركة جيل زد"  في أعقاب خطاب الجمعة السوداء في تحويل الغضب العفوي إلى مسار سياسي هيكلي. بعد أن تجاهل الملك المطالب الاجتماعية المباشرة للحركة في رسالة ضمنية مفادها أن "الملكية لا تحاور من خارج المؤسسات"، الأمر الذي أصبح معه جيل Z أمام خيار حتمي: إما الاستمرار في الاحتجاجات السلمية بنفس المطالب (ومصيرها التلاشي)، أو رفع السقف بتحويل المطالب إلى سياسية، لأن دون هذا التغيير الهيكلي في المسار والإستراتيجية يستحيل تحقيق الهدف الأسمى المتمثل في "محاسبة الفاسدين وفتح الصندوق الأسود".../...

خطاب الجمعة السوداء: استراتيجية التجاهل والإخضاع


 

(تحليل سياسي)

تمهيد: تجاهل مطالب الحراك حماية لمنظومة الفساد

بعد أن أرسل "جيل زد 212" للعاهل المغربي مباشرة "ورقة التصعيد القصوى" المتمثلة في رسالة المطالب الثمانية الشهيرة، وبعد أن تقاطرت الرسائل والتحذيرات الإقليمية محذرة من خطر النسخة الجديدة من الحراك، كان الخطاب الملكي أمام البرلمان يوم الجمعة الماضي هو اللحظة المفصلية المنتظرة. لم يختر العاهل المغربي الانحياز إلى شعبه لما تمثله "تكلفة التطهير" من تنازلات مؤلمة، بل اختار حماية المنظومة السياسية الفاسدة التي تحافظ على بنية حكمه، معلنا قطع الأمل في أي مسار سياسي، والتجاهل التام لمطالب الشارع. مؤكداً بلغة الرمز والإشارة بدل صريح العبارة أن "الصندوق الأسود" سيبقى محصناً عن كل محاولة اختراق، خصوصا من قبل من يعتبرهم النظام يتحركون من خارج المؤسسات الدستورية التي تشكل الإطار العام لديموقراطيته الصورية.../...

هل تتحمل الملكية "تكلفة التطهير" وتفتح "الصندوق الأسود"؟

 


(تحليل استراتيجي)

بعد أن أرسل "جيل زد 212" للعاهل المغربي مباشرة "ورقة التصعيد القصوى" المتمثلة في رسالة المطالب الثمانية الشهيرة. وبعد أن ناقشنا في مقالة سابقة السيناريوهات الخمسة للاستجابة الملكية، تقودنا تطورات الأحداث الأخيرة إلى استباق الخطاب الملكي المرتقب، وذلك للحديث عما يمكن أن تشكله محاسبة كبار المسؤولين عن الفساد من تكلفة لن تقتصر على التطهير فحسب، بل وستصل حتماً إلى المطالبة بفتح "الصندوق الأسود" السياسي.../...

مطلب الحراك وإشكالية إقالة رئيس الحكومة : (سيناريوهات الحل)

 


(تحليل سياسي)

 مدخل: منذ اندلاع موجة الاحتجاجات الشبابية التي عُرفت بـحراك ”GenZ212”، ارتفع صوت المطالب الاجتماعية والسياسية التي تجاوزت الإصلاحات الشكلية لتصل إلى جوهر النظام السياسي. أحد أبرز هذه المطالب يتمثل في إقالة رئيس الحكومة، باعتباره المسؤول الأول في نظر المحتجين وغالبية الشعب المغربي، عن فشل التدبير الحكومي في معالجة أزمات المعيشة والصحة والتعليم والتشغيل والفساد.../...

"جيل Z " يخاطب الملك.. وهذه تقديرات الاستجابة


(تحليل سياسي)

(استراتيجية إدارة الصراع: التهدئة مقابل الإصلاح الهيكلي)

إن توجيه "حركة جيل Z " (قِدْرُ الطِّينْ) رسالة مطالب مباشرة إلى الملك محمد السادس الجمعة 3 أكتوبر 2025، يمثل لحظة استراتيجية ذات معنى عميق، حيث بإقدامها على هذه الخطوة تكون قد قامت بتفعيل "ورقة التصعيد القصوى" بعد أن أعلنت فقدانها الثقة في الأحزاب والحكومة. هذه الخطوة تضع (قدر الحديد) "النظام التقليدي" أمام تحدٍ مباشر وعلني لإعادة تعريف "عقد الشرعية" مع جيل جديد. 
والسؤال الذي يطرح بالمناسبة هو: - هل يمكن لهذه المطالب أن تحظى باستجابة ملكية؟.../...

صراع قِدْر الطّين ضدّ قِدْر الحديد.. يمنع الملك من التدخّل

 


(لا يمكن تدخّل الملك كحكم، في صراع هو فيه طرف)

تحليل سياسي: في إطلالة لأحد أعضاء جيل زد على قناة تلفزيونية أوروبية قال، إن المنخرطين في نضال "جيل Z" المغربي، لا يطالبون بتدخل الملك في هذه المرحلة المبكرة من عمر الصراع، وأنهم لا يقبلون بالانخراط في الأحزاب القائمة لترجمة مطالبهم في إطار اللعبة السياسية الصورية المسمّاة زورا بالشرعية، لأنها ديموقراطية شكلية أثبت الواقع فشلها وعجزها عن إيجاد حلول عملة لمطالب الشعب الأساسية، وبالتالي، فقد تجاوزها الزمن، ولم تعد مقبولة في عصر الثورة الرقمية الصاعدة التي تجتاح العالم، وتستهدف النظام النيوليبرالي المتوحش الذي أفقر الشعوب، واستعبد الإنسان، ومارس على المجتمعات المستضعفة سياسات لا أخلاقية.../...