(دراسة شاملة)
لا يمكن للإنسان أن يتخذ موقف الحياد أمام سياسات الموت، فالصامت شريك في الجريمة،
إذ يتحول الساكت عن الظلم إلى شيطان أخرس يُشرعن الفساد بسلبيته.
1. مدخل الدراسة
بدأت شرارة هذه الدراسة من مشهد مأساوي وقع في مستشفى الحسن الثاني بأكادير، فحوله من مستشفى الشفاء إلى "مستشفى الموت" حيث تكشّفت أمام الرأي العام الوطني والدولي صور صادمة: مرضى متكدسون في الممرات، أسر تنتظر عبثًا تدخلًا عاجلًا، وفيات مأساوية كان يمكن تفاديها لو توفرت أدنى شروط الرعاية الطبية. هذه الكارثة الصحية لم تكن مجرد حادث عرضي، بل تحولت إلى قضية رأي عام أشعلت احتجاجات في الشارع، وأثارت موجة غضب واسعة تجاه تدبير قطاع الصحة، وعموم السياسات الاجتماعية.
لقد أدرك المغاربة أن ما وقع في أكادير ليس استثناءً، بل هو انعكاس لبنية أعمق من الفشل: فشل في السياسة، فشل في التعليم، فشل في الصحة، فشل في العدالة، فشل في توفير السكن، فشل في توفير العمل لضمان العيش الكريم للواطن، وفشل في بناء الثقة بين الدولة والمجتمع.
من هنا، جاءت الحاجة إلى إعداد هذه الدراسة، ليس فقط لتشخيص أزمة قطاع بعينه، وإنما لفهم الترابط البنيوي بين مختلف الأزمات الاجتماعية التي جعلت من حلم “الدولة الاجتماعية” في المغرب شعارًا فارغًا، بدل أن يكون واقعًا معاشًا.../...